[color=blue][center][b]
أسباب عدم قبول الصلاة وتضييعها :
نذكر في المقام بعض الأسباب الخاصة والعامة بعناوين مستقلة بالرغم من إمكان إرجاع بعضها إلى الآخر ، لأهمية البعض ولتعميم الفائدة ولنفس الغرض فصلنا الحديث في بعضها ومن هذه الأسباب :-
الأول : شرب الخمر
1 – ورد عن النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم): {من شرب الخمر لم تقبل له صلاه أربعين يوماً } .
2 - عن المصطفى الأمجد(صلى الله عليه وآله وسلم): {....شارب الخمر ، وعـاصرها ، ومعصرها ، وبايعها ، ومبتاعها ، وحاملها ، والمحمولة إليـه ، وآكل ثمنها ، سواء في إثمها ، ولا يقبل الله تعالى له صلاة ولا صوما ولا حجا ولا عمرة حتى يتوب ...... } .
الثاني : الظـلم
1 – ورد عـن النبي المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم): { من تعدّى على حقوق الآخرين لم تقبل صلاته } .
2 - عن الإمام الصادق(u): { أربعة لا تقبل لهم صلاة : الإمام الجائر ...... } .
الثالث : الإساءة
والمقصود هنا الإساءة الأخلاقية وغيرها ، ويشهد لها :
1 – عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم): { تصعد صلاة المحسن طيّبة مضيئة ، وصلاة المسيء مُنتنة مظلمة } .
2 - عن النبي المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم): { ثمانية لا تقبل لهم صلاة : العبد الآبق حتى يرجع إلى مولاه ، ... وإمام قوم يصلي بهم وهم له كارهون .... } .
الرابع : نشوز الزوجة
نشوز الزوجة هو منعها زوجها من حقوقه الشرعية والتمرد عليه وعلى الحياة الزوجية ، بالفعل والمنع المباشر وعدم تمكينه من الاستمتاع أو بفعل ما ينفر الزوج من ممارسة حقوقه أو التخلي عـن الأخلاق الحسنة والاتصاف بسوء الخُلُق ، كَسَبْ الزوج وشتمه أو الخروج بدون إذنه وكذا الكلام عن الزوج فيدخل تصرفه في عنوان النشوز أو تحت عنوان الظلم وعلى كلا التقديرين لا تقبل صلاته ، ويشهد لما يخص النشوز :-
1 – عن النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم): { ثمانية لا تقبل لهم صلاة .... الناشز عن زوجها وهو عليها ساخط}.
2 - عن الإمام الصادق(u): { أربعة لا تقبل لهم صلاة .... والمرأة تخرج من بيت زوجها بغير أذنه ....} .
الخامس : الاستخفاف
الصلاة عمود الدين ، وهي تنهى عن الفحشاء والمنكر ، وتارك الصلاة كافر ، وان قبلت قُبِلَ ما سواها من أعمال ، كل ذلك وغيره صدر عن الشارع المقدس وسمعناه من الآباء والأخوان ، ومن الكبار والصغار ، ومن رجال الديـن وغيرهم ، لكن هل وعى كل أُولئك تلك المعاني التي نقلوها كي تنتقل بوعي إلينا ، وهل ملازمة تلك المعاني لهم قد أثرت بهم وتفاعلوا معها حتى نتأثر بها نحن ونتفاعل معها ، من المؤسف جداً في مجتمعنا نجد وبصورة عامة إن فريضة الصلاة قد فرغت من معناها وحقيقتها ، فأصبح كل منّا مخالفاً للقرآن والسنة من حيث يعلم أو لا يعلم ، فالصلاة عندنا لا تنهى عن الفحشاء والمنكر ، وتارك الصلاة حتى من أبنائنا وأرحامنا نعتبره مسلماً ونتعامل معه على هذا الوصف بينما الشارع المقدس يعتبره كافراً كما ورد :
1 – عن الإمام الباقر(u): {..... ما بين المسلم وبين أن يكفر إلا إن يترك الصلاة الفريضة متعمداً أو يتهاون بها فلا يصليها } .
2 - إن الإمام الصادق(u) قد سؤل ، ما بال الزاني لا تسميه كافراً ، وتارك الصلاة تسميه كافراً ؟
قال(u): { لأن الزاني وما أشبهه إنما فعل ذلك لمكان الشهوة لأنها تغلبه ، وتارك الصلاة لا يتركها إلا استخفافاً بها ، وذلك لأنك لا تجد الزاني يأتي المرأة إلا وهو مستلذ إياها قاصد لها ، وكل من ترك الصلاة قاصداً لتركها فليس يكون قصده لتركها اللذة ، فإذا انتفت اللذة وقع الاستخفاف وإذا وقع الاستخفاف وقع الكفر } .
وقد أصبحنا مستخفين بالصلاة ، فلا صلاة في أول الوقت ولا خشوع ولا إلتفات ولا حضور قلب فنقدم أتفه الأعمال وأبسط الأشياء وأردئها على الصلاة ، وإذا صليّنا فإنشغال الذهن والقلب بتلك الأمور الدنيوية التافهة الزائلة ومع هذا يعتبر كل منّا نفسه متقياً مصلياً ملتزماً مسلماً بينما الشارع المقدس اعتبر مثل ذلك الإنسان المستخف بصلاتـه ليس بمسلم ، وانه في النار مع المنافقين والكافرين كقارون وهامان وغيرهما ، وقد ورد عن المولى الشرعي ما يشير إلى هذا كما ورد :
1 - عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم): { إن عمود الدين الصلاة وهي أول ما يُنظر فيه من أعمال ابن آدم فإنْ صحّت نظر في عمله ، وإن لم تصح لم ينظر في بقية عمله } .
2- وعن الصادق الأمين(صلى الله عليه وآله وسلم): { إن أول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة هو الصلاة ، فإذا جاء بها تامة وإلا زُجَ في النار } .
3- وعن الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم): { إنْ قُبِلَتْ الصلاة قُبِلَ ما سواها وإنْ رُدت رُدَّ ما سواها } .
4- وعن خاتم النبيين(صلى الله عليه وآله وسلم): { أربعة يدخلون النار بغير حساب أحدهم تارك الصلاة ولو بركعة }.
5- وعن المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم):{ ليس مني من استخف بصلاته } .
6 - وعن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) :{ لا تضيّعوا صلواتكم فإن من ضيّع صلاته حشر مع قارون وهامان وكان حقاً على الله أن يدخله النار مع المنافقين } .
7- عن الإمام الباقر(u): { بينما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جالس في المسجد إذ دخل رجل فصلى فلم يتم ركوعه ولا سجوده ، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : نـَقَر كنقر الغراب لئن مات هذا وهكذا صلاته ليموتنّ على غير ديني} .
فعلى كل مسلم أن يجهد نفسه حتى يكون غير مستخف بالصلاة ولا يكون تاركاً لها ولا ناقراً لها كنقر الغراب ، ولكي يقبل عمله ولا يحشر مع المنافقين والكافرين ، ويتحقق ذلك بصرف بعض الوقت للإطلاع على ما موجود في هذا البحث وغيره من بحوث وتكرار الإطلاع لمعرفة معنى الصلاة وحقيقتها وأهدافها وثمارها المادية والمعنوية الظاهرية والباطنية فيكون أداؤها بصورة صحيحة وصالحة مع الحضور والخشوع فتكون مهيأة للقبول والنمو لتحقيق التكامل والسعادة في الدارين .
ولا يخفى إن للاستخفاف أسباب عديدة ، ولهذا يمكن أن تكون الأسباب والعناوين اللاحقة كلها أو بعضها يرجع إلى الاستخفاف حيث تكون جميعها أو بعضها سبب للاستخفاف ، ونحن أبرزنا بعض العناوين بالرغم من كونها تتداخل في البعض الآخر ، لإظهار أهميتها ولزيادة الفائدة وتعميمها .
السادس : الجـهـل
لا يخفى إن الجهل هو السبب الرئيسي في التهافت السلوكي والعبادي عند الناس وهو السبب في إعراضهم عن كل أمر جادٍ يحدد مصيرهم في الحياة الآخرة فضلاً عن الدنيا فلو عرف الناس حقيقة المعاصي والموبقات والشهوات الشيطانية وما هي أضرارها وتبعاتها السيئة لَوَلّوا منها فراراً ، ولو عرف الإنسان حقيقة العبادات والأعمال الصالحة وبالخصوص لو عرف معنى الصلاة وحقيقتها وثمراتها لما ضيّعها بتركها أصلاً أو بالاستخفاف بها .
لقد شيّد الاستعمار اليهودي الصليبي أُسس وأركان الجهل في قلوب ونفوس الكثير ، وأزاحَ العلم والتعاليم الإسلامية عن قلوبهم وأذهانهم ، فأصبحَ المسلم يتحلى بالجهل وهو آمن ومفتخر ، فانتشر وساد في المجتمع المسلم الانحطاط العبادي الروحي والأخلاقي ، وأصبح أكثر الأفراد مصداقاً للجاهل الذي ورد وصفه في كلام النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) عندما سُئِلَ عن علامات الجاهل قال(صلى الله عليه وآله وسلم): { إنْ صحبته عنّاك ، وإنْ اعتزلته شتمك ، وإنْ أعطـاك منَّ عليك ، وإنْ أعطيته كفّرك ، وإن أسررت إليه خانك ، وإنْ أسرّ إليك اتهمك ، وإنْ استغنى بطر وكان فظاً غليظاً ، وإنْ افتـقر جحد نعمة الله ولم يتحرّج ، وإنْ فرح أسرف وطغى ، وإنْ حزن آيس ، وإنْ ضحك نهق ، وإنْ بكى خار ، يقع في الأبرار ، ولا يحب الله ، ولا يراقب الله ، ولا يستحي من الله ولا يذكره ...... } .
وفي خصوص الصلاة يكون تأثير الجهل بمستويين :
الأول :- جهل تارك الصلاة
لو ألقى كل منّا نظرة فاحصة للمجتمع لوجد جناية الجهل وتأثيره الفعلي في ترك الصلاة وخاصة في الشريحة الاجتماعية التي تسمى ( المثقفة ) ، وكل فرد من هؤلاء على استعداد أن يقرأ ويطّلع على أي شيء إلا عن الإسلام ، ويفكر في أي شيء إلا في الإسلام ، فمعلوماته عن الإسلام أما ضحلة لا تمثل شيئاً أو خاطئة ومسمومة ومنحرفة ، وفي خصوص الصلاة لا تتعدى معلوماته مجرد سماع اسمها ،
وفي الواقع إن مثل هذا الإنسان ليس بمثقف ولا واعٍ بل هو الجاهل الحقيقي لأنه ينفق عمره في أشياء تافهة زائلة ولا يبحث في المسائل المصيرية المهمة ، ألا يعلم مثل هذا التابع والذنب للمجتمـع الغربي إن أمامه حياة أُخرى غير هذه الفانية ، وتلك هي الدائمة والباقية ، ألا يعلم ان له رباً خالقاً منعماً عظيماً شديد العقاب سيسأله عن أعماله وأفعاله الصادرة في هذه الدنيا الفانية وماذا جهّز وقدّم لدار بقائه ، أليس من الحكمة والعقل النظر والتمعن في معرفة هذه الدعوى المهمة عن الخالق العظيم والآخرة والإسلام ومعرفة حقيقتها ومتطلباتها ، وبالتأكيد سيسمع ويقرأ إن الصلاة تمثل أكبر وأهم المسائل الفرعية لهذا الدين الخالد وإنها من ضرورياته ، فالجاهل يجني على نفسه بجنايته على الصلاة بتركها.
الثاني : جهل المصلي
كثير من المصلين ترافقهم الصلاة في حياتهم لكن أحدهم لا يكلف نفسه عناء التفكير ولا السؤال عن محتوى وإبعاد هذا العمل ومعطياته الدنيوية والأخروية ، ومثل هذا المصلي يكون قد جنى على الصلاة بجهله بحقيقة الصلاة وبالتالي يكون قد جنى على نفسه بسأمه من الصلاة التي يعتبرها عملاً شكلياً مكرراً مفرغاً من المحتوى .
حُكي إن أحد الأشخاص رأى شخصاً كبيراً يؤدي صلاته كنقر الغراب ، فقال له : أنت شيخ كبير عليك سمات التقى والصلاح ، لماذا تعجل بصلاتك ؟
قال الشيخ الكبير : دعني يا سيدي ، فقد مللت الصلاة وملتـني ، حيث بدأت بها منذ الصغر ورافقتني عشرات السنين ولم تتركني يوماً واحداً ، أليس من حقي أن أسأم منها وتسأم مني.
وفي حقيقة الأمر لو وعى هذا الشيخ وفهم معنى الصلاة وعرف أنها عمل تربوي إلهي متكامل مؤثر ومتفاعل مع حركة أيامه وأفعاله وسلوكه ، لعاش وتذوق روحاً وطعماً وعطاءاً جديداً وممتعاً لصلاته في كل يوم ،
ومن المؤكد إننا لا نقصد بالوعي والفهم ما يستطيع به الإنسان أن يعبّر لك عن محتوى الصلاة ويفسّر حقيقتها ، بل المقصود الوعي الحقيقي والفهم والرؤية العميقة التي يتنور القلب بها ، ويعرف هذا من نفس آثار الإنسان ونبراته وإن عجز عن التعبير بالكلمات ، ويشير إلى هذا ما ورد عن الإمام الصادق(u): { تجد الرجل لا يخطئ بلام ولا واو 000 خطيباً مفصحاً ، ولقلبه أشد ظلمة من الليل المظلم ، وتجد الرجل لا يستطيع أن يعبّر عمّا في قلبه بلسانه وقلبه يزهر كالمصباح } .
تابع
أسباب عدم قبول الصلاة وتضييعها :
نذكر في المقام بعض الأسباب الخاصة والعامة بعناوين مستقلة بالرغم من إمكان إرجاع بعضها إلى الآخر ، لأهمية البعض ولتعميم الفائدة ولنفس الغرض فصلنا الحديث في بعضها ومن هذه الأسباب :-
الأول : شرب الخمر
1 – ورد عن النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم): {من شرب الخمر لم تقبل له صلاه أربعين يوماً } .
2 - عن المصطفى الأمجد(صلى الله عليه وآله وسلم): {....شارب الخمر ، وعـاصرها ، ومعصرها ، وبايعها ، ومبتاعها ، وحاملها ، والمحمولة إليـه ، وآكل ثمنها ، سواء في إثمها ، ولا يقبل الله تعالى له صلاة ولا صوما ولا حجا ولا عمرة حتى يتوب ...... } .
الثاني : الظـلم
1 – ورد عـن النبي المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم): { من تعدّى على حقوق الآخرين لم تقبل صلاته } .
2 - عن الإمام الصادق(u): { أربعة لا تقبل لهم صلاة : الإمام الجائر ...... } .
الثالث : الإساءة
والمقصود هنا الإساءة الأخلاقية وغيرها ، ويشهد لها :
1 – عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم): { تصعد صلاة المحسن طيّبة مضيئة ، وصلاة المسيء مُنتنة مظلمة } .
2 - عن النبي المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم): { ثمانية لا تقبل لهم صلاة : العبد الآبق حتى يرجع إلى مولاه ، ... وإمام قوم يصلي بهم وهم له كارهون .... } .
الرابع : نشوز الزوجة
نشوز الزوجة هو منعها زوجها من حقوقه الشرعية والتمرد عليه وعلى الحياة الزوجية ، بالفعل والمنع المباشر وعدم تمكينه من الاستمتاع أو بفعل ما ينفر الزوج من ممارسة حقوقه أو التخلي عـن الأخلاق الحسنة والاتصاف بسوء الخُلُق ، كَسَبْ الزوج وشتمه أو الخروج بدون إذنه وكذا الكلام عن الزوج فيدخل تصرفه في عنوان النشوز أو تحت عنوان الظلم وعلى كلا التقديرين لا تقبل صلاته ، ويشهد لما يخص النشوز :-
1 – عن النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم): { ثمانية لا تقبل لهم صلاة .... الناشز عن زوجها وهو عليها ساخط}.
2 - عن الإمام الصادق(u): { أربعة لا تقبل لهم صلاة .... والمرأة تخرج من بيت زوجها بغير أذنه ....} .
الخامس : الاستخفاف
الصلاة عمود الدين ، وهي تنهى عن الفحشاء والمنكر ، وتارك الصلاة كافر ، وان قبلت قُبِلَ ما سواها من أعمال ، كل ذلك وغيره صدر عن الشارع المقدس وسمعناه من الآباء والأخوان ، ومن الكبار والصغار ، ومن رجال الديـن وغيرهم ، لكن هل وعى كل أُولئك تلك المعاني التي نقلوها كي تنتقل بوعي إلينا ، وهل ملازمة تلك المعاني لهم قد أثرت بهم وتفاعلوا معها حتى نتأثر بها نحن ونتفاعل معها ، من المؤسف جداً في مجتمعنا نجد وبصورة عامة إن فريضة الصلاة قد فرغت من معناها وحقيقتها ، فأصبح كل منّا مخالفاً للقرآن والسنة من حيث يعلم أو لا يعلم ، فالصلاة عندنا لا تنهى عن الفحشاء والمنكر ، وتارك الصلاة حتى من أبنائنا وأرحامنا نعتبره مسلماً ونتعامل معه على هذا الوصف بينما الشارع المقدس يعتبره كافراً كما ورد :
1 – عن الإمام الباقر(u): {..... ما بين المسلم وبين أن يكفر إلا إن يترك الصلاة الفريضة متعمداً أو يتهاون بها فلا يصليها } .
2 - إن الإمام الصادق(u) قد سؤل ، ما بال الزاني لا تسميه كافراً ، وتارك الصلاة تسميه كافراً ؟
قال(u): { لأن الزاني وما أشبهه إنما فعل ذلك لمكان الشهوة لأنها تغلبه ، وتارك الصلاة لا يتركها إلا استخفافاً بها ، وذلك لأنك لا تجد الزاني يأتي المرأة إلا وهو مستلذ إياها قاصد لها ، وكل من ترك الصلاة قاصداً لتركها فليس يكون قصده لتركها اللذة ، فإذا انتفت اللذة وقع الاستخفاف وإذا وقع الاستخفاف وقع الكفر } .
وقد أصبحنا مستخفين بالصلاة ، فلا صلاة في أول الوقت ولا خشوع ولا إلتفات ولا حضور قلب فنقدم أتفه الأعمال وأبسط الأشياء وأردئها على الصلاة ، وإذا صليّنا فإنشغال الذهن والقلب بتلك الأمور الدنيوية التافهة الزائلة ومع هذا يعتبر كل منّا نفسه متقياً مصلياً ملتزماً مسلماً بينما الشارع المقدس اعتبر مثل ذلك الإنسان المستخف بصلاتـه ليس بمسلم ، وانه في النار مع المنافقين والكافرين كقارون وهامان وغيرهما ، وقد ورد عن المولى الشرعي ما يشير إلى هذا كما ورد :
1 - عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم): { إن عمود الدين الصلاة وهي أول ما يُنظر فيه من أعمال ابن آدم فإنْ صحّت نظر في عمله ، وإن لم تصح لم ينظر في بقية عمله } .
2- وعن الصادق الأمين(صلى الله عليه وآله وسلم): { إن أول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة هو الصلاة ، فإذا جاء بها تامة وإلا زُجَ في النار } .
3- وعن الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم): { إنْ قُبِلَتْ الصلاة قُبِلَ ما سواها وإنْ رُدت رُدَّ ما سواها } .
4- وعن خاتم النبيين(صلى الله عليه وآله وسلم): { أربعة يدخلون النار بغير حساب أحدهم تارك الصلاة ولو بركعة }.
5- وعن المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم):{ ليس مني من استخف بصلاته } .
6 - وعن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) :{ لا تضيّعوا صلواتكم فإن من ضيّع صلاته حشر مع قارون وهامان وكان حقاً على الله أن يدخله النار مع المنافقين } .
7- عن الإمام الباقر(u): { بينما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جالس في المسجد إذ دخل رجل فصلى فلم يتم ركوعه ولا سجوده ، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : نـَقَر كنقر الغراب لئن مات هذا وهكذا صلاته ليموتنّ على غير ديني} .
فعلى كل مسلم أن يجهد نفسه حتى يكون غير مستخف بالصلاة ولا يكون تاركاً لها ولا ناقراً لها كنقر الغراب ، ولكي يقبل عمله ولا يحشر مع المنافقين والكافرين ، ويتحقق ذلك بصرف بعض الوقت للإطلاع على ما موجود في هذا البحث وغيره من بحوث وتكرار الإطلاع لمعرفة معنى الصلاة وحقيقتها وأهدافها وثمارها المادية والمعنوية الظاهرية والباطنية فيكون أداؤها بصورة صحيحة وصالحة مع الحضور والخشوع فتكون مهيأة للقبول والنمو لتحقيق التكامل والسعادة في الدارين .
ولا يخفى إن للاستخفاف أسباب عديدة ، ولهذا يمكن أن تكون الأسباب والعناوين اللاحقة كلها أو بعضها يرجع إلى الاستخفاف حيث تكون جميعها أو بعضها سبب للاستخفاف ، ونحن أبرزنا بعض العناوين بالرغم من كونها تتداخل في البعض الآخر ، لإظهار أهميتها ولزيادة الفائدة وتعميمها .
السادس : الجـهـل
لا يخفى إن الجهل هو السبب الرئيسي في التهافت السلوكي والعبادي عند الناس وهو السبب في إعراضهم عن كل أمر جادٍ يحدد مصيرهم في الحياة الآخرة فضلاً عن الدنيا فلو عرف الناس حقيقة المعاصي والموبقات والشهوات الشيطانية وما هي أضرارها وتبعاتها السيئة لَوَلّوا منها فراراً ، ولو عرف الإنسان حقيقة العبادات والأعمال الصالحة وبالخصوص لو عرف معنى الصلاة وحقيقتها وثمراتها لما ضيّعها بتركها أصلاً أو بالاستخفاف بها .
لقد شيّد الاستعمار اليهودي الصليبي أُسس وأركان الجهل في قلوب ونفوس الكثير ، وأزاحَ العلم والتعاليم الإسلامية عن قلوبهم وأذهانهم ، فأصبحَ المسلم يتحلى بالجهل وهو آمن ومفتخر ، فانتشر وساد في المجتمع المسلم الانحطاط العبادي الروحي والأخلاقي ، وأصبح أكثر الأفراد مصداقاً للجاهل الذي ورد وصفه في كلام النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) عندما سُئِلَ عن علامات الجاهل قال(صلى الله عليه وآله وسلم): { إنْ صحبته عنّاك ، وإنْ اعتزلته شتمك ، وإنْ أعطـاك منَّ عليك ، وإنْ أعطيته كفّرك ، وإن أسررت إليه خانك ، وإنْ أسرّ إليك اتهمك ، وإنْ استغنى بطر وكان فظاً غليظاً ، وإنْ افتـقر جحد نعمة الله ولم يتحرّج ، وإنْ فرح أسرف وطغى ، وإنْ حزن آيس ، وإنْ ضحك نهق ، وإنْ بكى خار ، يقع في الأبرار ، ولا يحب الله ، ولا يراقب الله ، ولا يستحي من الله ولا يذكره ...... } .
وفي خصوص الصلاة يكون تأثير الجهل بمستويين :
الأول :- جهل تارك الصلاة
لو ألقى كل منّا نظرة فاحصة للمجتمع لوجد جناية الجهل وتأثيره الفعلي في ترك الصلاة وخاصة في الشريحة الاجتماعية التي تسمى ( المثقفة ) ، وكل فرد من هؤلاء على استعداد أن يقرأ ويطّلع على أي شيء إلا عن الإسلام ، ويفكر في أي شيء إلا في الإسلام ، فمعلوماته عن الإسلام أما ضحلة لا تمثل شيئاً أو خاطئة ومسمومة ومنحرفة ، وفي خصوص الصلاة لا تتعدى معلوماته مجرد سماع اسمها ،
وفي الواقع إن مثل هذا الإنسان ليس بمثقف ولا واعٍ بل هو الجاهل الحقيقي لأنه ينفق عمره في أشياء تافهة زائلة ولا يبحث في المسائل المصيرية المهمة ، ألا يعلم مثل هذا التابع والذنب للمجتمـع الغربي إن أمامه حياة أُخرى غير هذه الفانية ، وتلك هي الدائمة والباقية ، ألا يعلم ان له رباً خالقاً منعماً عظيماً شديد العقاب سيسأله عن أعماله وأفعاله الصادرة في هذه الدنيا الفانية وماذا جهّز وقدّم لدار بقائه ، أليس من الحكمة والعقل النظر والتمعن في معرفة هذه الدعوى المهمة عن الخالق العظيم والآخرة والإسلام ومعرفة حقيقتها ومتطلباتها ، وبالتأكيد سيسمع ويقرأ إن الصلاة تمثل أكبر وأهم المسائل الفرعية لهذا الدين الخالد وإنها من ضرورياته ، فالجاهل يجني على نفسه بجنايته على الصلاة بتركها.
الثاني : جهل المصلي
كثير من المصلين ترافقهم الصلاة في حياتهم لكن أحدهم لا يكلف نفسه عناء التفكير ولا السؤال عن محتوى وإبعاد هذا العمل ومعطياته الدنيوية والأخروية ، ومثل هذا المصلي يكون قد جنى على الصلاة بجهله بحقيقة الصلاة وبالتالي يكون قد جنى على نفسه بسأمه من الصلاة التي يعتبرها عملاً شكلياً مكرراً مفرغاً من المحتوى .
حُكي إن أحد الأشخاص رأى شخصاً كبيراً يؤدي صلاته كنقر الغراب ، فقال له : أنت شيخ كبير عليك سمات التقى والصلاح ، لماذا تعجل بصلاتك ؟
قال الشيخ الكبير : دعني يا سيدي ، فقد مللت الصلاة وملتـني ، حيث بدأت بها منذ الصغر ورافقتني عشرات السنين ولم تتركني يوماً واحداً ، أليس من حقي أن أسأم منها وتسأم مني.
وفي حقيقة الأمر لو وعى هذا الشيخ وفهم معنى الصلاة وعرف أنها عمل تربوي إلهي متكامل مؤثر ومتفاعل مع حركة أيامه وأفعاله وسلوكه ، لعاش وتذوق روحاً وطعماً وعطاءاً جديداً وممتعاً لصلاته في كل يوم ،
ومن المؤكد إننا لا نقصد بالوعي والفهم ما يستطيع به الإنسان أن يعبّر لك عن محتوى الصلاة ويفسّر حقيقتها ، بل المقصود الوعي الحقيقي والفهم والرؤية العميقة التي يتنور القلب بها ، ويعرف هذا من نفس آثار الإنسان ونبراته وإن عجز عن التعبير بالكلمات ، ويشير إلى هذا ما ورد عن الإمام الصادق(u): { تجد الرجل لا يخطئ بلام ولا واو 000 خطيباً مفصحاً ، ولقلبه أشد ظلمة من الليل المظلم ، وتجد الرجل لا يستطيع أن يعبّر عمّا في قلبه بلسانه وقلبه يزهر كالمصباح } .
تابع